ماذا تفعل امرأة غاب عنها زوجها فترة طويلة قرابة خمس سنوات؟
بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني
س 308: ماذا تفعل امرأة غاب عنها زوجها فترة طويلة قرابة خمس سنوات، فسألت عنه كثيرًا، ولكن لا جدوى .. ماذا تفعل في هذه الحالة .. هل يجوز لها أن تتزوج رجلًا آخر، وإذا تزوجت، فرجع زوجها السابق المفقود، ماذا تفعل هنا؟
ج 308: هذه مسألة قضائية ولقاضي المحكمة أن يجتهد في ذلك إذا فُقِدَ الشخصُ لأكثر من أربع سنوات ويحكم بما يراه مناسبًا بعد أن يقف على القضية بموجب البينات والشهود العدول وقد أذن له الشارع بالاجتهاد في مثل ذلك لما أخرجه الشيخان عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر"(1).
فإذا ثبت هذا الفقدان بهذه المدة جاز للمرأة أن تتزوج وأن ترث نصيبها من زوجها المفقود بموجب حكم القاضي المسلم فإذا ظهر هذا المفقود بعد ذلك فلا تحل له المرأة وليس له حق في مطالبة ما ورثته من ماله.
ولكن ينبغي للقضاة أن يجعلوا له حصة مناسبة من ماله لعله أن يظهر لاحتمال أن غيابه كان من غير رضاه دفعًا لكثير من المفاسد.
وقد حصل شيء من ذلك في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فحكم بالمفارقة والإرث وذلك فيما أخرجه الدارقطني: "أن امرأة فقدت زوجها فمكثت أربع سنين ثم ذكرت أمرها لعمر بن الخطاب فأمرها أن تتربص أربع سنين من حين رفعت أمرها إليه فإن جاء زوجها و إلا تزوجت فتزوجت بعد أن مضت السنوات الأربع"(2).
وهذه قصة صحيحة لها طرق كثيرة مخرجة في كتب الآثار بألفاظ مختلفة.
والحاصل: أن الحكم في مسائل كهذه نسبي يختلف فيه الاجتهاد من حال إلى حال حسب الزمان والمكان وواقع المسألة؛ وبالله التوفيق.
_______
[(1)] أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ (6/2676 رقم 6919 ]، ومسلم في صحيحه [كتاب الأقضية، باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ (3/1342 رقم 1716)] كلاهما من حديث عبدالله بن عمرو.
[(2)] أخرجه الدار قطني في سننه [كتاب النكاح، باب المهر (3/311 رقم 254)] عن أبي عثمان بلفظ: أتت امرأة عمر بن الخطاب فقالت استهوت الجن زوجها فأمرها أن تتربص أربع سنين ثم أمر ولى الذي استهوته الجن أن يطلقها ثم أمرها أن تعتد أربعة أشهر وعشرا.